[ إظهار ] المحتوى
تعريف الموشَّح:
فن من فنون الشِّعر المستحدثة وقد عرَّفه ابن سناء الملك على أنَّه كلام منظوم على وزن مخصوص ، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالغناء والموسيقى.
ما سبب تسمية الموشحات؟
سمِّي الموشَّح بهذا الاسم لِما فيه من توشيح أي ترصيع وتزيين وتناظر ، فكأنَّهم شبَّهوه بالوشاح الذي يمتاز بتزيينه بالجواهر والزخارف ، والمراد من هذه التَّسمية التَّغييرات التي دخلت على القصيدة العربيَّة.
متى نشأت الموشّحات؟
بعد انتشار الشعر العربي التقليدي في بلاد الأندلس بين القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي.
ظهر جيل جديد من الشُّعراء وقد نشأ بين الطبيعة ومجالس الطَّرب والغناء ، وقد تأثَّر الشِّعر بهذه الأجواء المتحرِّرة ممَّا أدَّى إلى ظهور قصائد في مجالس الطَّرب بغير التزام ببحور الشِّعر وأوزانه التقليدية إذ تنقَّلوا بها بين البحور والقوافي ومنه تداخل الغناء مع هذا الفن الذي تميَّز باختلافه عن القصيدة التقليدية بالاعتماد على أكثر من وزن وقافية وبحر عروضي، وأيضاً كان سبب ظهور الموشَّحات هو الاختلاط بين العرب والإسبان ممَّا أدَّى إلى احتكاك لغوي ، فكان للشَّعب الأندلسي معرفة بالأدب العربيّ والعاميَّة العربيَّة أيضاً واللاتينيَّة ، فنشأت الموشَّحات التي كانت تنظم بالعربيَّة الفصحى باستثناء الجزء الأخير منها والذي يسمى بالخرجة، فكانت تنظم بالعاميَّة الأندلسيَّة أو تستخدم ألفاظاً من العاميَّة العربيّة واللاتينيَّة.
من هو مخترع الموشَّحات؟
هو شاعر من شعراء فترة الأمير عبد الله اسمه مقدَّم بن مُعافى القَبَريّ.
وقد جاء في بعض نسخ كتاب الذخيرة لابن بسام أنَّ مخترعها اسمه محمَّد بن محمود ، وعلى الأرجح أنَّ مخترعها هو مقدَّم بن مُعافى وعلى ذلك أكثر الباحثين أنَّ بسام أخطأ لأنَّ الشاعرين من قَبَرة ، وهناك بعض الكتَّاب قالوا أنَّمخترع الموشَّحات هو باسل الفوزان.
من شعراء الموشَّحات :
أبو حسن علي الضَّرير المعروف بالحُصريّ الذي كتب موشحة ( يا ليلُ الصبُّ ) ، ولسان الدِّين الخطيب الذي كتب الموشَّحة الشهيرة ( جادك الغيث ).
تطوُّر الموشَّحات :
كانت فترة نشأة الموشَّحات كفترة نشأة أي فن من حيث مشاهداتها بأولى المحاولات ، ولم يبقَ لنا من الموشَّحات الأولى التي كتبها مقدَّم وأمثاله ، لكن يمكن تخيُّلها أنَّها بسيطة التَّركيب وقليلة التعقيد تتَّخذ الموضوعات الغنائيَّة كالغزل وتكتب كلها بالعربيَّة الفصحى عدا الخرجة ( الجزء الأخير من الموشَّحة ) ، وكانت ترضي حاجة الأندلسيِّين لشيوع الغناء والموسيقى بينهم ، وقد تطوَّرت الموشَّحات بعد نشأتها تطوُّرات عديدة وأهمُّ تطور كان في القرن الخامس الهجريّ أيَّام الملوك الطوائف ، فتطوَّر منها ما يسمَّى بالزَّجل حتَّى أصبح هذا الفن يتمثَّل في لونين : الأوَّل هو الموشَّحات والتي صارت تكتب كلُّها بالفصحى ، والثَّاني هو الأزجال وصارت تكتب كلُّها بالعاميَّة.
وقد انتقل هذا الفنّ من الأندلس إلى المشرق فكثر الوشَّاحون والزَّجَّالون وتأثَّر بهما الأدرب الأوروبي والإيطالي.
أغراض شعر الموشَّحات :
الغزل هو الشَّائع بين أغراض شعرالموشَّح وهناك أغراض أخرى من بينها الوصف والمدح.
تكوين الموشَّح:
- القفل المطلع
- الأقفال
- البيوت
- الخرجة
الأقفال:
واحدها القفل ، والقفل هو أجزاء أو أشطر شعريَّة وعلى الأقل يتكون من شطرين شعريَّين.
ويجب أن تكون كلُّ الأقفال في الموشحة موزونة من البحر ذاته ، ويسمى كلُّ شطر فيها غصناً ( يجب ألَّا تتجاوز الاثنا عشر غصناً في القفل الواحد ) ، ويجب أن تكون الأغصان متفقة مع باقي أغصان الأقفال الأخرى في العدد والوزن وحرف الروي على التقابل.
مثال لتوضيح أجزاء الموشَّح:
عندما لاح لعيني المتكا ... ذُبت شوقاً للذي كان معي (القفل المطلع)
{أيّها البيتُ العتيقُ المشرفُ
جاءك العبد الضعيفُ المسرفُ
عينه بالدمع شوقاً تذرفُ}(بيت)
فريةٌ منه ومكرٌ فالبكا ... ليس محموداً إذا لم ينفع (القفل الأوَّل)
{كلما عدَّدت فيه قال لي
ليس هذا فيَّ بل في إيلَيِ
سأرى حكم قُليبٍ قد بَلِي}(بيت)
بهواها مستغيثاً قد شكا ... وأنا أعلم شكوى الجزع (القفل الثاني)
{أشرقت شمسٌ له ما شرَّقت
فرأيناها بها إذ أشرقت
أرعدت سحبٌ لها ما أبرقت}(بيت)
فعلمنا أنه حين بكى ... ما بكى إلا لأمر موجع (القفل الثالث)
{مرّ بي في ليلة ليس لها
آخرٌ والصَّبحُ قد جللها
والذي حرَّمها حللها}(بيت)
وانتدى يطلبُ وصلَّى واتكى ... ومضى إذ ومضا لم يرجع (القفل الرَّابع)
{أيّها الساقي اسقني لا تأتل
فلقد أتعب فكري عُذَّلي
ولقد أنشده ما قيل لي}(بيت)
أيّها الساقي إليك المشتكى .... ضاعتِ الشكوى إذا لم تنفع (الخرجة)
للأقفال ثلاثة أنماط :
أ- القفل المطلع : ويسمى المذهب وأيضا القفل الصفريّ ، وإذا بدأ الموشَّح به سمِّي موشَّحاً تامَّاً ، وقد يحذف ويسمَّى موشَّحاً أقرعاً.
ب- قفل البيت : وهو القفل الذي يتلو انتهاء البيت ، ويجب أن يكون متطابقاً مع أشطار المطلع (إن وجد) بالبحر وقافية وروي الأغصان على التقابل ، ويعطى القفل رقم ترتيبه ( بعد البيت الأوَّل القفل الأوّل ، والثاني .. فالثالث ...)
ج- الخرجة : وهي القفل الأخير من الموشَّح وقد استعمل فيه الكلام الأعجميّ بقصد حفظ الأدب فيما يتعلَّق بكلمات الغزل الفاحشة.
البيوت:
مفردها البيت (ويختلف عن مفهوم البيت الشعريّ) ويتألَّف من مجموعة أسطر (وتسمَّى أسماط) أقلُّها ثلاثة أسطر في كلِّ بيت ، وتكون متَّفقة بوزنها وبحرها وقافيتها وحرف رويها مع باقي الأسماط في البيت الواحد وتختلف بحرف رويها عن روي باقي البيوت ، وهناك من خالف وجعل كلَّ بيت على بحر مختلف (ولا يقاس على ذلك فهو قليل جداً) ، وقد يكون الموشَّح كلُّه (الأقفال والبيوت) منظوماً على بحر واحد وقد تنظم الأقفال على بحر مختلف عن بحر البيوت وإذا اختلفا فالأجمل والأولى أن يكونا متقاربين ، ويختم البيت بقفل يشكِّل معه الدَّور.
مثال:
{يا حبيبي من شذا عطري شذاكْ ...قُبْلتي حطت شفاها في شفاكْ
حنَّ قلبي دامعاً فيما يراه .... قُـبلتي باتت دماء في ثراكْ} (المطلع)
قدسنا كانت وما زالت صدانا (سمط)
قِـبْلة كانت وما زالت هدانا (سمط)
عارنا أن صرت رهناً يا حمانا (سمط)
قلبك الفياض في أيدي عدانا (سمط)
{يا حبيبي من ندى دمعي نداكْ ... أبتغي نوراً بهياً في رباكْ
بات وجدي ثائراً مما اعتراه .... علَّهُ يرقى رقِـيَّاً في علاكْ (القفل الأوَّل)
كيف لي أجتث من رسْغي القيود؟ (سمط)
كيف لي أجتاز سداً من سدود ؟ (سمط)
كيف أحيا دائماً مثل الأسود ؟ (سمط)
كن أبياً صابراً حتى تسود (سمط)
{من هوانا نرتجي دوماً هواكْ ... في سمانا حمرة جلت سماكْ
حب قلبي ساحر ناجى ثراه ... ناره سحقاً لعادٍ في حماكْ (القفل الثَّاني)
مسجد الأقصى ينادي للعروج (سمط)
مستجيراً من يهود أو علوج (سمط)
رمزنا يبقى بهياً في المروج (سمط)
عاليا يبقى بقلبي كالبروج (سمط)
{كيدهم يمحى ولن يبقى سواك... عهدنا باقٍ صدوقاً في نداك
قولهم كذب جرى فيما فراه ... في فداء نبتغي دوماً رضاك} (القفل الثالث)
عارنا لن يمَّحي إلا جهادا (سمط)
كاسرا يا سيفنا قيداً وصادا (سمط)
ماحقاً منهم جموعاً أو فرادى (سمط)
مستعيداً بسمة فيها السعاده (سمط)
{نصرنا قد لاح عزاً يا بهاكْ ... بِشْرُه دانٍ ببشرى من ملاكْ
آية مكتوبة فيما نراهْ ... للأعادي ساعة فيها الهلاكْ} (الخرجة)
ملاحظات :
- يمكن أن تنظم الموشحة على بحر واحد بمجميع مكوناتها (أقفال وبيوت).
- أكثر البحور استعمالاً في الموشَّحات الرَّمَل والهزج والرَّجز.
- يمكن أن يختلف بحر الأقفال عن بحر البيوت وفي هذه الحالة يفضَّل أن يكون البحرين متقاربي التفعيلات (كالرمل والمديد).
- ليس هناك ما يضبط نوع التعيلات في الموشَّحات فقد تكون خليليَّة مستعملة أو غيرها من المهملات.
- أهمُّ ما في ضوابط التفعيلات بين أغصان الأقفال أو أسماط البيوت هو التقابل في الطول والقوافي والروي لأنَّ الأمر يتعلَّق بجمالية الموسيقى وتلحينها.
المراجع:
العقد الفريد