منتدى اليمامة الأدبي منتدى اليمامة الأدبي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

عمود الشعر العربي

[ إظهار ] المحتوى

عمود الشعر

العمود في اللغة: عمود الأمر: قوامه الذي لا يستقيمُ إلاّ به، أي أن الشعر بلا عاموده يكون جمعا للكلام نظماً والنظم هو الكلام الموزون المقفى بقصد أو بغير ولكن الشعر أي" الشعر الفحل" لا يكون بلا عموده فما هو ذلك العمود ومن وضعه؟
أول من استخدم هذا المصطلح هو الآمدي حين وازن بين البحتري وأبي تمام حيث كان يأخذ أمثلة على الصحيح من البحتيري ميالا إلى الأسلوب الإتباعي الذي كان يستخدمه البحتري، ثم القاضي الجرجاني في كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه ولكن من بوبه بشكل فعلي هو المرزوقي الذي وضع له سبعة أسس يقوم عليها العمود وهي بالتسلسل هكذا:

1- شرف المعنى وصحته: 

وذلك بالتجريد من الألفاظ والنظر في المعنى منطقيا ما إذا يقبل بمعارف البشر والعصر القائم نضرب على ذلك مثالاً قول امرئ القيس:
وإن تك قد ساءتك منى خليقة ... فسلى ثيابي من ثيابك تنسل
وقيل أنه قصد يالثياب القلب أو الشأن، وذلك غير مطروق عندنا ولكن كان مطروقا مفهوما في عصره أي أن للثياب أكثر من معنى وأكثر من كناية كذلك قول امرئ القيس نفسه:
ثياب بني عوف طهارى نقية ... وأوجههم عند المشاهد غران
وهنا أيضا لم يقصد بالثياب المعنى الذي نعلمه اليوم ولو كان كذلك لكان المعنيين ساقطين في شرف المعنى ولكن امرئ القيس استخدم ما كان عرفاً في مجتمعه.
كما يدخل في شرف المعنى مطابقة المعنى للغرض الذي يقال فيه أي أن لا تخلط بين الأغراض في المعاني فإن خلطت فاحذر معانيك أن تكون مغرقة في أحد الغرضين والخلط لا يكون إلا في القصائد الطوال وأظن أن خير من خلط في الأغراض هو عنترة حين قال في معلقته:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل          مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها           لمعت كبارق ثغرك المتبسم

2- جزالة الألفاظ: 

جزالة الألفاظ أي اعتدالها أن تكون مفهومة غير دارجة على ألسن الناس وبمعنى أدق أن تكون بين الوحشية والابتذال والكلمة الوحشية هي الكلمة البعيدة الاستخدام أو بالأدق استخدام المعنى البعيد لكلمة ذات معنيين أما الكلمة المبتذلة فهي الكلمة الدارجة على ألسن الناس وما وقع بينهما يكون جزلا.
ولا تكونان هتان الصفتان في كل كلمات البيت بل بما يسمى الكلمات المحورية التي يبنى عليها معنى البيت نأخذ مثالاً قول عمر بين أبي ربيعة:
وأرى جمالك فوق كل جميلة               وجمال وجهك يخطف الأبصارا
ولا نرى أن البيت يتمحور حول أرى أو فوق وكل مثلا، وإنما يتمحور حول لفظة جمالك، جميلة، الجمال هذه هي اللفظة المحورية ويخطف أيضاً تعتبر محورية ننظر في هذه الكلمات فنراها مفهومة إذن فهي ليست وحشية ولكن هل هي دارجة على الألسن؟؟ بالنسبة ليخطف بتركيبها مع الأبصار فلا أما جمالك والجمال فإن أي أحد من العامة يريد أن يصف حسناء يقول: فتاة جميلة فهذا قول عامة وليس قول شاعر ويذلك اختلت الجزالة.
ونأخذ من الأقوال الجزلة قول امرئ القيس في مطلع معلقته:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل            بسقط اللوى بين الدخول فحومل
ولن أدرس البيت كاملا وإنما سآخذ أول تركيب"قفا نبك" بالنسبة للفهم فإنها مفهومة بسلاسة ونبكي أيضا مفهومة ولكن هل يرد على لسان العامة تركيب كهذا ؟ قفا نبك أي أنه يخاطب شخصا أن يأتي ليبكي معه وهذا غير مطروق عند العامة وهذه هي الجزالة عينها.

3- مشاكلة الألفاظ للمعاني مع شدة اقتضائهما للقافية: 

مشاكلة الألفاظ للمعاني أي مطابقتها للمعاني وهنا لا نقصد معنى الكلمة فمعنى الكلمة لا يمكن تحويره وإنما نقصد مطابقة هذه الألفاظ مع الأغراض أي أن لكل غرض ألفاظ تستخدم فيه ولا تستخدم في غيره ومنه ما وقع فيه أبو تمام حين قال:
يا أبا جعفرٍ جعلت فداك               بز حسن الوجوه حسن قفاك
وهنا نرى لفظة "قفاك" نافرة منفرة في هذا البيب ولكن لم؟ لأنها وردت في المديح وهي غير مناسلة لذلك فهي تناسب الهجاء وخاصة به أما عن المعنى فنرى أن أبا تمام قد غاص كثيرا فيه فأفسده بسياقه اللفظي هذا وإنما ما قصده أن أي شيء منك لا يرى فيه جمالا هو أجمل من الوجوه والوجه هو مبلغ الحسن عامة، لذلك سقط البيت بعدم المشاكلة، وللسلامة أمثلة كثيرة جدا يمكن دراستها... وقال في ذلك الجاحظ في كتابه الحيوان في المجلد الثالث: "إنما الألفاظ على قدر المعاني فكثيرها لكثيرها وقليلها لقليلها وشريفها لشريفها وسخيفها لسخيفها".
أما الاقتضاء للقافية فهو أن تكون القافية من صلب المعنى ولا يمكن الاستغناء عنها أي أن لا تكون حشوا وأما شدة الاقتضاء فهي أنك لا تستطيع تبديل تلك القافية لا بشعر ولا بنثر حتى وأجود الشعر هو ما لو نثرته بقي كما هو، نطرح مثالا رائجاً من معلقة زهير بن أبي سلمى حيث يقول:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحـه          يهدم، ومن لم يظلم الناس يظـلــمِ
ومن يغترب يحسب عدوا صديقه         ومن لم يكــرم نـفـسـه لــم يـكرمِ
ومهما تكن عند امرئ من خليقـة          وإن خالها تخفى على الناس تعلمِ
إذا نظرنا إلى القافية في هذه الأبيات لا نراها جزءا من المعنى فقط بل صلب المعنى أيضا فإذا حاولنا تبديلها في كل بيت على حدا إلى أي حرف آخر لا نستطيع وأي إبدال تراه إقحاما، قد يظن البعض أنه من السهل أن تأتي بقافية دون استدعاء أي إقحام؛ ربما يكون ذلك في بيتين أجل ولكن ليس في قصيدة من اثنين وستين بيتاً لا تكرر قافية ولا تستدعى؛ هنا تكون شدة الإقتضاء للقافية فكلما كانت القصيدة أطول وهي محافظة على شدة اقتضائها كانت أفحل في عمود الشعر.

4- تلاحم أجزاء النظم مع تخير من لذيذ الوزن:

 وهو أن يخلو البيت من الفواصل اللغوية والمعنوية وما أقصده هو ورود جملتين في بيت واحد يصعب الربط بينهما فهذا البند من العمود يصب في سلاسة الشعر واسترساله هذا بالنسبة للفواصل اللغوية التي يبت فيها التلاحم أما عن الفصل المعنوي فهو مما قال جميل:
ألا أيها النوام ويحكمو هبّوا          أسائلكمو هل يقتل الرجل الحب؟!
فإذا فصلنا الشطر الأول عن الثاني نرى أن الأول مستوف ما سبق ذكره من العمود في باب القوة من الأغراض فإذا نظرنا إلى الشطر الثاني وجدناه أيضا مستوفيا ولكن في باب الرقة وهذا فصل معنوي في البيت إلا أن بيت جميل لم يسقط لوجود مسوغات لذلك الفصل وهو تهويل الحب وفتكه وأيضا الشكل الذي أخذه أي أنه فصل بين الشطرين وهذا ربما ما حمل عنه وزره.
أما التخير من لذيذ الوزن فهو تفاصيل في علم العروض تستعيض عنها سجية الشاعر إن كان فحلاً.

5- الإصابة في الوصف: 

ويتطلب معرفة الصفات في الموصوف وأحسن الوصف ما قلب لك السمع بصرا ويأتي الوصف عن طريق الدقة في اللغة وأمثلته في الجاهلية كثيرة وبخاصة في المعلقات.

6- المقاربة في التشبيه المقاربة في التشبيه: 

والتشبيه في البلاغة ثمانية أنواع وإنما في أساسه يأتي مكوناً من مشبه، مشبه به، أداة التشبيه، وجه الشبه ويسمى تام الأركان؛ وإن المقاربة تكون حصراً في وجه الشبه إن كان موجوداً أو كان محذوفاً وفإذا كان محذوفاً تتحقق المقاربة في استيفاء أكبر عدد من صفات المشبه به أي عندما نشبه شيئاً بالبحر مثلا: عينيك بحر هنا نحن نقارب بينهما في الزرقة وفي العمق والكبر مثلا وكلما زادت الصفات كان التشبيه مقارباً أكثر.

7- موافقة المستعار للمستعار منه: 

وكون الاستعارة تشبيه حذف أحد طرفيه فإن هذا البند وهو مضاف على عمود الشعر هو امتداد لسابقه وإنما يحتاج من الدقة الشيء الكثير.

وبهذا نكون قد مررنا على عمود الشعر مرور إبانة وعدم خلط متجاوزين جمع المفاهيم الخاطئة المنتشرة في هذا العصر.

عمل: أحمد زياد غنايمي
 

عن الكاتب

منتدى اليمامة الأدبي في ظل فساد الشعر الحديث،وتفشّي المعنى الهزيل، وغلبة سوء الصنعة، وخيبة من يسعى.. ويسعى، فإن من واجبنا كشعراء ونجباء، نشر ثقافة العرب، وإحياء الشعر والخطب، فكان من توفيق أحوالنا، ونجاح أعمالنا، إنشاء "منتدى اليمامة الأدبي" جامع صنَّاع الشعر، ورافضي مجانسة القريض بالنثر، فكان من أغراض منتدانا: المعارضات والسجالات، والوصف والمجاراة، والتحدي بمدح وهجاء، وتنسيب ورثاء، وتعزيز ثقافة الشعراء بعلمي العروض والقافية، وكلّ معلومة شافية، ومنها الأخذ بالأسباب والأوتاد، والفواصل والأعداد، والخرم والخزم، والخبل والخزل، والإقواء والإصراف، وما تبقى من الأعراف، ومسابقات عديدة، من الجديدة المفيدة.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

الانتساب للمنتدى

لو كنت شاعراً موهوباً أو مبتدئاً أو كنت تحب تعلم الشعر وتريد تنمية موهبتك مع شعراء اليمامة وتريد إيصال فكرتك من خلال قصائدك يمكنك الانتساب للمنتدى بكل سهولة من خلال تقديم طلب الانتساب.

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

جميع الحقوق محفوظة

منتدى اليمامة الأدبي